باب الطهارة
قال تعالى: {وأنْزلْنَا مِن السماءِ ماء طَهوراً}، وقال تعالى: {أَل م تَر أن الله أنْزلَ مِن السماءِ
ماء فسَلكُه ينابيع فى الأَرضِ} وقال رسول الله صلي الله عليه وسلم فى بئر قضاعة: "الماء
الطهور لا ينجسه شئ" وذلك بعد أن أخبروه أنها يلقى فيها لحوم الكلام وخرق الحيض وعذر
الناس، وسئل صلي الله عليه وسلم عن الماء الذى ترده السباع والدواب فقال إن كان الماء
قلتين لم يحمل الخبث، وفى رواية لم ينجس، وفى رواية قال لها ما أخذت فى بطونها وما بقى
فهو لنا طهور وشراب وتوضأ صلي الله عليه وسلم من فضل جفنة اغتسل منها بعض نسائه،
فقالت: يا رسول الله إنى كنت جنباً، فقال: إن الماء لا يجنب، وقالت عائشة رضى الله تعالى
عنها: كنت أغتسل أنا والنبى صلي الله عليه وسلم من إناء واحد تختلف أيدينا فيه، والله تعالى
أعلم.
باب إزالة النجاسة
كان صلي الله عليه وسلم يقول يغسل من بول الجارية وبرش من بول الغلام، ودخل
أعرابى مرة على النبى صلي الله عليه وسلم وهو فى المسجد فكشف عن فرجه ليبول فصاح
الناس به حتى علا الصوت، فقال صلي الله عليه وسلم: اتركوه ثم قال بعد فراغه من بوله
صبوا عليه ذنوباً من ماء وفى رواية خذوا ما بال عليه فألقوه وأهريقوا عليه من ماء، ثم قال
للأعرابى إن هذه المساجد لا تصلح لشئ من البول والقذر، إنما هى لذكر الله والصلاة،
وقراءة القرآن.
وسئل صلي الله عليه وسلم عن النجاسة تكون فى الطريق فتمر عليها المرأة بذيلها الطويل
فقال: يطهره ما بعده وكان صلي الله عليه وسلم يقول: إذا وطئ أحدكم بنعله الأذى فإن التراب
له طهور، وكان ابن عباس رضى الله عنهما يقول إذا وطأت قذراً فإن كان رطباً فاغسله، وإن
كان يابساً فلا عليك وكان صلي الله عليه وسلم يغسل المنى من ثوبه تارة ويفركه تارة وكان
صلي الله عليه وسلم إذا وجد فى ملاءته التى يتغطى بها مع نسائه لمعة من دم حيض يقول:
اغسلوه واجفوها، وفى رواية يقول: حكوه بصلع واغسلوه بماء وسدر. وكان يقول: إذا ولغ
الكلب فى إناء أحدكم فاغسلوه سبعاً إحداهن بالتراب، وإذا ولغ الهر فاغسلوه مرة واحدة فإن
الهرة ليست بنجس إنما هى من الطوافين عليكم والطوافات. وكان صلي الله عليه وسلم يتوضأ
من فضل الهر، والله أعلم.
باب الاستنجاء
كان صلي الله عليه وسلم إذا أراد أن يبول يختار الموضع الدمث يعنى الذى فيه التراب،
فإن لم يكن تراب نكت الموضع بعود أو نحوه ثم يبول، وكان يقول لا يبولن أحدكم فى الماء
الدائم ثم يغتسل أو يتوضأ، فإن عامة الوسواس منه. وكان صلي الله عليه وسلم ينهى عن
البول والغائط فى الموارد وأبواب المساجد وقارعة الطريق والظل والحجر. وكان صلي الله
عليه وسلم يقول إن الملائكة لا تدخل بيتاً فيه بول منتقع فمن بال فى إناء فليرقه وينبغى أن
يكون فى الإناء الذى يبول فيه نحو الثلث من الماء لئلا يشرب الإناء من البول فيكون حكمه
حكم المتنقع، وكان صلي الله عليه وسلم يقول لا تستقبلوا القبلة ببول ولا غائط، ولكن شرقوا
أو غربوا، وفى رواية لا يستقبل أحد القبلتين ببول ولا غائط، ومن شرق أو غرب كتبت له
حسنة ومحيت عنه سيئة، وكان ينهى أ، يستطب أحد بيمينه ويأمر بثلاثة أحجار وينهى عن
الروث والرمة، وكان صلي الله عليه وسلم يقول من استجمر فليوتر، من فعل فقد أحسن ومن
لا فلا حرج، ومن أتى الغائط فليستتر إلا أن يجمع كثيباً من رمل فليستتر به فإن الشيطان
يلعب بمقاعد بنى آدم من فعل فقد أحسن ومن لا فلا حرج. وكان صلي الله عليه وسلم ينهى
عن البول قائماً ويرخص فيه بعض الأحيان، وكان إذا سلم عليه أحد وهو يبول لا يرد. وربما
رد فى بعض الأحيان إذا خاف كسر خاطر المسلم لقرب عهده بالإسلام. وكان صلي الله عليه
وسلم يحذر من إصابة البول الثوب وغيره وعدم الاستبراء منه، وتارة يرخص فيه لذوى
الأعذار، وكان يستنجى بالماء فى أكثر أوقاته وتارة يستنجى بالأحجار أو يكتفى بها، وتارة
يجمع بين الماء والحجر وقد أثنى الله تعالى على أهل قباء فى جمعهم بين الماء والحجر فى
قوله تعالى: {فِيهِ رِجالُ يحبون أ ن يَت َ طهروا}، وكان يدلك يده بالأرض أو بالحائط إذا فرغ من
الاستنجاء، وكان صلي الله عليه وسلم ينضح فرجه وسراويله بالماء بعد الاستنجاء ويقول
جبريل عليه السلام، وكان يقول إذا اراد دخول الخلاء: باسم الله اللهم إنى أعوذ بك من الخبث
والخبائث، وكان يقول إذا خرج: غفرانك الحمد لله الذى أذهب عنى الأذى وعافانى، ومن لم
يحفظ هذا الذكر فيذكر الله بقلبه بما شاء كما فى سائر العبادات، ولا حرج عليه، ويكون
مصيباً للسنة ودافعاً لشيطان الوسواس.
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق