الخميس، 21 أبريل 2011

با ب الصلاة


أحكام الصلاة
قال تعالى: {يا أيها الذين آمنوا إذا قمتم إلى الصلاة فاغسلوا وجوهكم وأيديكم إلى
المرافق وامسحوا برءوسكم وأرجلكم إلى الكعبين}، وقال صلي الله عليه وسلم: "لا يقبل الله
صلاة أحدكم إذا أحدث حتى يتوضأ" فيندب لداخل بيت الخلاء قبل الوضوء أن يدخل برجله
اليسرى ويخرج باليمنى عكس ما يفعله إذا أراد دخوله المسجد أو الخروج منه وأن يقول قبل
دخوله ما ورد فى الحديث الشريف: "إذا دخلتم الخلاء فقولوا بسم الله اللهم إنى أعوذ بك من
الخبث والخبائث" ويقول عند الأنصراف: غفرانك الحمد لله الذى أذهب عنى ما يؤذينى،
وأمسك ما بنفعنى، وأن يستتر حياء من الله والملائكة وقت إدخال الاستجمار، والاستنجاء
يكون بالماء، وعلامة نظافة المحل هى الخشونة فى الرجل والنعومة فى المأة، والاستجمار
يكون بالحجر، ويجوز مع وجود الماء، ولكن الماء أفضل، والأفضل أن يستجمر بالحجر،
ويستنجى بالماء، وتعريف الحجر أن تقول هو كل طاهر قالع غير محتدم، وشرط الاستجمار
ثلاثة ألا يجفف الخارج وألا ينتقل عن محمل خروجه وألا يطرق عليه نجس أجنبى، فإذا فقد
شرط منها وجب الماء.
وأركان الاستنجاء أربعة
١- وهى مستنجى وهو الشخص.
٢- ومستنجى فيه وهو القبل أو الدبر.
٣- ومستنجى منه وهو البول أو الغائط.
٤- ومستنجى به وهو الماء أو الحجر، ويتعهد الإنسان تكاميش الدبر حتى يتمكن من
نظافتها تماماً.
أركان الوضوء
اختلف الأئمة فى عددها كالآتى:
١- المالكية: عدوا فرائض الوضوء سبعة وهى: النية وغسل الوجه وغسل اليدين مع
المرفقين، ومسح جميع الرأس وغسل الرجلين مع الكعبين، والغور والتدليك على
المعتمد عندهم لأنهم قالوا إنه داخل فى حقيقة الغسل فلا يتحقق بدونه.
٢- الشافعية: عدوا فرائض الوضوء ستة وهى: النية وغسل الوجه وغسل اليدين مع
المرفقين، ومسح بعض الرأس، ولو شعرات، وغسل الرجلين مع الكعبين على ما
ذُكر.
٣- الحنابلة: عدوا فرائض الوضوء ستة وهى: غسل الوجه ومنه داخل الفم والأنف
وغسل اليدين، ومسح جميع الرأس، ومنها الأذنان، وغسل الرجلين، والترتيب
والموالاة، وأما النية فعدوها شرطاً فى صحتها.
٤- الحنفية: عدوا فرائض الوضوء أربعة وهى: غسل الوجه وغسل اليدين مع المرفقين،
ومسح ربع الرأس، وغسل الرجلين مع الكعبين، وأما النية فهى عندهم سنة مؤكدة
لمواظبته صلي الله عليه وسلم عليها، وكيفية النية أن يقول المتوضئ نويت الوضوء،
أو نويت رفع الحدث الأصغر، والنية هى قصد الشئ مقرناً بفعله فإن تراخى عنه
سمى عزماً ومحلها القلب، وتكون فى ابتداء الوضوء، ويغتفر تقديمها على الفعل
بزمن يسير عرفاً لوجودها حكماً والله أعلم.
باب مبطلات الوضوء
يبطل الوضوء بالأشياء الآتية:
وهى ما خرج من السبيلين القبل والدبر من بول وغائط وريح، والمزى والودى
والمنى عند المالكية إذا خرج بلذة غيرمعتادة، كما إذا نزل فى الماء الحار فالتذ فأمنى، ولا
يوجب الغسل، قالت الشافعية إن خروج المنى لاينقض الوضوء مطلقاً، ولكنه يوجب الغسل،
وأماعند غيرهم، فالمنى الخارج بغير لذة ناقض للوضوء وهو طاهر عند الشافعية نجس عند
غيرهم، وخروج القيح والدم والصديد، وخروج دودةٍ أو حصاةٍ من أحد السبيلين عند الشافعية
والحنابلة، وسيلان الدم والقيح من أى موضع فى البدن ولو من الفم عند الحنفية، وزوال العقل
بجنون أو إغماء أو مسكر بخمر أو حشيشة أو نحوهم، وصرع ونوم ومس الفرج، وعند
الحنفية لا نقض بالمس، والردة عند المالكية والحنابلة، والقئ الذى يملأ الفم عند الحنفية،
والقهقهة فى الصلاة إذا سمعها من بجواره عندهم أيضاً، والشك فى الحدث أو سببه عند
المالكية،، والولادة بغير دم عند الحنفية والحنابلة، وأكل لحم الإبل، وتغسيل الميت عند
الحنابلة، ولمس المرأة الأجنبية بيغر حائل عند الثلاثة، وقالت الحنفية لا ينقض الوضوء بذلك
مطلقاً والله أعلم.
باب فرائض الغسل
يوجب الغسل أمور ستة، ثلاثة يشترك فيها. الرجال والنساء وهى:
١- التقاء الختانين لقوله صلي الله عليه وسلم: "إذا التقى الختانان فقد وجب الغسل".
٢- إنزال المنى.
٣- موت المسلم إذا كان شهيداً فلا يغسل.
وثلاثة تختص بها النساء وهى:
١- الحيض.
٢- النفاس.
٣- الولادة بلا دم عند الثلاثة، وقالت الحنابلة إن الولادة بلا دم لا توجب الغسل والله
أعلم.
باب فرائض الغسل
اختلف الأئمة الأربعة فى ذلك كالآتى:
١- الحنفية: عدوا فرائض الغسل ثلاثة وهى: المضمضة والاستنشاق وتعميم جميع البدن
بالماء، وأما النية فهى عندهم من السنة المؤكدة.
٢- المالكية: عدوا فرائض الغسل خمسة وهى: النية وتعميم الجسد بالماء ودلك جميع
الجسد مع صب الماء أو بعده قبل جفاف العفو، وإن تعذر سقط، وموالاة غسل
الأعضاء مع الذكر، والقدرة وتخليل جميع جسده بالماء.
٣- الحنابلة: عدوا فرض الغسل واحداً، وهو تعميم الجسد بالماء وأدخلوا فى الجسد الفم
والأنف، فيجب غسلهم تبعاً للبدن، وأما النية فهى عندهم شرط صحة.
٤- الشافعية: عدوا فرائض الغسل ثلاثة وهى: النية، وإزالة النجاسة إن كانت على البدن،
وإيصال الماء إلى جميع الشعر والبشرة.
وكيفية النية فى جميع المذاهب أن يقول: نويت رفع الجنابة، أو نويت رفع الحدث الأكبر،
وتقول الحائض: نويت رفع حدث الحيض، وتقول النفساء: نويت رفع حدث النفاس والله أعلم.
باب الصلاة
اعلم أن الصلاة فى اللغة الدعاء، وشرعاً أقوال وأفعال مفتتحة بالتكبير مختتمة بالتسليم
بشرائط مخصوصة، وهى أنواع: منها ما هو فرض عين على كل مسلم ومسلمة، وهى
الصلوات الخمس الظهر والعصر والمغرب والعشاء والصبح، وقد فرضت فى مكة قبل
الهجرة بسنة على الترتيب المذكور، فكان الظهر أول ما فرض، وهى أجل الأركان بعد
الشهادتين، ودليل فرضيتها الكتاب والسنة والإجماع، أما الكتاب فقوله تعالى: {فَأقِموا الصلاة}
وقوله عز وجل: {إن الصلاَة كَاَنتْ عَلى المؤْمِنِين كَِتابا م  وقُوتاً}. أما السنة فقوله صلي الله
عليه وسلم: "خمس صلوات افترضهن الله عز وجل من أحسن وضوءهن، وصلاهن لوقتهن،
وأتم ركوعهن وخشوعهن كان له على الله عهد أن يغفر له، ومن لم يفعل فليس على الله عهد
إن شاء غفر له، وإن شاء عذبه"، وأما الإجماع فإنه لايختلف فى فرضيتها أحد من المسلمين
فضلاً عن أئمة الدين، فهى معلومة من الدين بالضرورة، وجاحدها مرتد عن دين الإسلام
عياذاً بالله، وأما الجمعة فقد شرعت بدل الظهر، وهى خامسة يومها، ومنها ما هو فرض
كفاية، وهى صلاة الجنازة، ومنها ما هو نفل وتفصيل ذلك مذكور كتب الفقه والله أعلم.
باب شروط الصلاة
اعلم أن الشرط لابد منه فى صحة الصلاة، وتبطل الصلاة بدونه، والشرط تعريفه أن
تقول هو ما وجب واستمر، وشروط الصلاة هى بلوغ دعوة النبى صلي الله عليه وسلم والعقل
والبلوغ والنقاء يعنى النظافة من دم الحيض والنفاس، والطهارة من الحدث الأصغر والأكبر،
ومن الخبث المعفو عنه فى البدن والثوب والمكان، واستقبال القبلة مع الأمن والقدرة، وستر
العورة لقادر عليه، والعلم بدخول الوقت ولو ظناً، وهناك شروط أخرى تركتها خوف الإطالة
والله أعلم.
باب فرائض الصلاة
اعلم أن الفرض والركن بمعنى واحد، وهو أمر لابد منه فى صحة الصلاة، يعنى لا
تصح الصلاة إلا به، والركن هو: ما وجب وانقطع، فيصح تداركه بعد تركه فى حالة الصلاة،
أو بعد انتهاء الصلاة، وإن كان قد تركه والزمان قريب، فيدخل فى الصلاة ويأتى به، ويسجد
للسهو على مقتضى مذهبه، وسجود السهو سنة لا تبطل الصلاة بتركها، وفرائض الصلاة
وأركان الصلاة فقد اختلف الأئمة فى عددها كالآتى:
١- الحنفية قالوا: إن أركان الصلاة المتفق عليها أربعة وهى: القيام والقراءة والركوع
والسجود، فلا يسقط واحد منها إلا عند العجز، غير أن القراءة تسقط عند المأموم،
لأن الشارع نهاه عنها، ولهذا سموها ركناً زائداً، وذلك لأنهم قسموا الركن إلى زائد
وأصلى، فالأصلى ما لا يسقط إلا عند العجز بلا خلف، والزائد ما يسقط فى بعض
الحالات ولو مع القدرة على أدائه، والأول هو القيام والركوع والسجود، والثانى هو
القراءة، أما باقى ما يتوقف عليه صحة الصلاة، فينقسم إلى قسمين:
١- ما كان خارجاً عن ماهية الصلاة وهى الطهارة من الحدث والخبث،
وسترالعورة واستقبال القبلة، ودخول الوقت والنية والتحريمة، وهى شرائط
صحة الشروع فى الصلاة.
٢- ما كان داخل ماهية الصلاة كإيقاع القراءة فى حالة القيام، وكون الركوع بعد
القيام والسجود بعد الركوع، وهذه شرائط لدوام صحة الصلاة، وقد يعبرون
عنها بفرائض الصلاة. ويريدون بالفرض الشرط، أما القعود الأخير قدر
التشهد فهو فرض بإجماعهم ورجحوا أنه ركن زائد، وأما الخروج من
الصلاة بالسلام فهو واجب لا فرض فلو خرج بالحدث صحت صلاته ويكون
آثماً.
٢- المالكية قالوا: فرائض الصلاة خمسة عشر فرضاً، وهى: النية وتكبيرة الإحرام
والقيام لها من الفرض، وقراءة الفاتحة والقيام لها فى الفرض، والركوع والرفع منه
والسجو والرفع منه وترتيب الأداء، ونية اقتداء المأموم.
٣- الشافعية قالوا: فرائض الصلاة ثلاثة عشر فرضاً منها خمسة قولية وثمانية فعلية
فالخمسة القولية هى تكبيرة الإحرام، وقراءة الفاتحة، والتشهد الأخير والصلاة على
النبى بعده والتسليمة الأولى. أما الثمانية الفعلية فهى النية والقيام فى صلاة الفرض
لقادر والركوع والاعتدال منه والسجود الأول والثانى والجلوس الأخير والترتيب،
وأما الطمأنينة فهى شرط محقق للركوع والاعتدال والسجود والجلوس، فالطمأنينة
لابد منها، وإن كانت ليست بركن زائد على القول الراجح.
٤- الحنابلة عدوا فرائض الصلاة أربعة عشر، وهى القيام فى الفرض وتكبيرة الإحرام،
وقراءة الفاتحة، والركوع والرفع منه، والاعتدال والسجود والرفع منه والجلوس بين
السجدتين، والتشهد الأخيروالجلوس له والتسليمتان والطمأنينة فى كل ركن فعلى
وترتيب الفرائض والتسليمات.
باب فى كيفية التشهد
١- الشافعية قالوا: إن ألفاظ التشهد هى التحيات المباركات الصلوات الطيبات لله، السلام
عليك أيها النبى ورحمة الله السلام علينا وعلى عباد الله الصالحين، أشهد أن لا إله إلا
الله وأشهد أن سيدنا محمداً رسول الله والصلاة على النبى بعده فى التشهد الأخير ركن
كما سبق وهذا التشهد مروى عن ابن عباس رضى الله عنهما عن رسول الله صلي الله
عليه وسلم.
٢- الحنابلة قالوا: إن ألفاظ التشهد هى التحيات إلى آخرتشهد الشافعية.
٣- المالكية قالوا: إن ألفاظ التشهد هى التحيات لله الزكيات لله الطيبات الصلوات لله السلام
عليك أيها النبى ورحمة الله وبركاته السلام علينا وعلى عباد الله الصالحين أشهد أن لا
إله إلا الله وحده لا شريك له وأشهد أن محمداً عبده ورسوله، وهو مندوب عندهم لا
ركن كما سبق وهذا التشهد مروى عن عبد الله بن عمر رضى الله عنهما عن النبى
صلي الله عليه وسلم.
٤- الحنفية قالوا: إن ألفاظ التشهد هى التحيات لله الصلوات والطيبات السلام عليك أيها
النبى ورحمة الله وبركاته السلام علينا وعلى عباد الله الصالحين، أشهد أن لا إله إلا
الله وأشهد أن محمداً عبد الله ورسوله، وهذا التشهد مروى عن عبد الله بن مسعود
رضى الله عنه عن الحبيب المصطفى صلي الله عليه وسلم، ويحسن بعد التشهد أن
يقول اللهم صل على سيدنا محمد وعلى آل سيدنا محمد كما صليت على سيدنا إبراهيم
وعلى آل سيدنا إبراهيم، وبارك على سيدنا محمد وعلى آل سيدنا محمد كما باركت
على سيدنا إبراهيم وعلى آل سيدنا إبراهيم فى العالمين إنك حميد مجيد اللهم إنى أعوذ
بك من عذاب القبر وعذاب النار، ومن فتنة المحيا والممات، ومن فتنة المسيخ الدجال،
ثم تقول: اللهم أغفر لى ما قدمت وما أخرت وما أسررت وما أعلنت وما أسرفت وما
أنت أعلم به منى أنت المقدم وأنت المؤخر لا إله إلا أنت.
باب مبطلات الصلاة
مبطلات الصلاة هى:
١- الكلام الأجنبى عنها لقوله صلي الله عليه وسلم: "إن هذه الصلاة لا يصلح فيها شئ
من كلام الناس، إنما هى التسبيح والتكبير وقراءة القرآن" صدق صلي الله عليه وسلم
فتبطل الصلاة باللام عمداً أو نسياناً عند الحنفية والحنابلة، وقالت الشافعية والمالكية:
إن الكلام ناسياً لا تبطل الصلاة به.
٢- والتنحنح إذا ظهر منه حرفان فأكثر إذا كان بغير ضرورة عند الحنفية والحنابلة،
وقالت الشافعية: يعفى عن القليل من التنحنح إذا لم يستطع رده إلا إذا كان مرضا
ملازماً، وإلا فلا يضر كثيره أيضاً وكذلك إن تعذر عليه النطق بركن قولى كقراءة
الفاتحة، فإن التنحنح الكثير فى هذه الحالة لا يضر، وقالت المالكية إن التنحنح لا
يبطل الصلاة، وإن استعمل على حروف مبطلة لحاجة أو لغير حاجة ما لم يكن كثيراً
أو تلاعباً وإلا أبطل.
٣- والعمل الكثير أعنى الحركات الكثيرة التى ليست من جنس الصلاة، وأما ما كان من
جنس الصلاة كزيادة ركوع أو سجود، فإن كان عمداً أبطل قليله وكثيره وإن كان
سهواً لم تبطل الصلاة به مطلقاً قليلاً كان أو كثيراً عند الثلاثة، وقالت المالكية: يبطل
الصلاة الزيادة التى من جنسها سهواً إذا كثرت وأما الزيادة القولية مثل تكرير قراءة
الفاتحة فلا تبطلها مطلقاً، ولو كانت عمداً يسجد لسهوٍ عند الجميع.
٤- التحول عن القبلة فى الصلاة.
٥- والأكل والشرب.
٦- والحدث.
٧- وحدوث الحدث.
٨- والقهقهة، أما التبسم فلا بضر مطلقاً.
٩- وتقدم المأموم على إمامه بركن عمداً لم يشاركه فيه كأن يركع ويرفع قبل أن يرفع
الإمام، فإن كان سهواً رجع لإمامه، ولا تبطل صلاته، هذا عند المالكية والحنابلة،
وقالت الحنفية: إن التقدم مبطل للصلاة عمداً، أو سهواً إلا إذا لم يعد ذلك مع الإمام أو
بعده، ويسلم معه أما إن أعاده معه أو بعده وسلم معه فإنها لا تبطل الصلاة، وقالت
الشافعية لا تبطل صلاة المأموم إلا بتقدمه عن الإمام بركنين فعليين بغير عذر كسهو
مثلاً، وكذا لو تخلف عنه بها عمداً من غير عذر كبطء قراءة الفاتحة.
١٠ - وانكشاف العورة، وعورة الرجل فى الصلاة ما بين سرته وركبته، والمرأة
الحرة جميع جسدها عورة إلا وجهها وكفيها، والأمة أعنى المرأة المشتراة بالمال
كالرجال.
١١ - وتغيير النية كأن نوى الظهر مثلاً، وفى أثناء صلاته قصد أن يصليها عصراً،
مثلاً، فإنها تبطل، وكذا لو نوى قطع الصلاة بعد تلبسه بها فإنها تبطل أيضاً.
١٢ - والردة أعاذنا الله من الكفر وأهله.
وللصلاة مبطلات أخرى تركتها خوف الإطالة، وذكرت الأهم وهو ما يكثر وقوعه فى
الغالب، ومن أراد الزيادة فعليه بكتب الفقه فليراجعها يجد فيها ما يبصره. والله ولى التوفيق.
وبعد: فهذه أوراق تبين ما لا بد منه لطالب الآخرة، وإن كان علم ذلك مستقراً عند كل
مسلم تلفظ بكلمتى الشهادتين. فول واجبٍ على المسلم أن يأتى بكلمتى الشهادتين طرفى النهار
وطرفى الليل قولاً واعتقاداً وعملاً، لأنها هى الموجبة للدخول فى سياج الإسلام، وبها أرسل
الله الرسل مبشرين ومنذرين، وبها يقام سياج العدل والتوادد والتآلف بين المسلمين بعضهم
بضاً سواء فى ذلك عالمهم وجاهلهم، وبالتلفظ بالشهادتين على ما ذكرناه كما أمرنا رسول الله
صلي الله عليه وسلم. لأن الشرك خفى فى هذه الأمة فكان قولهما تجديداً واحتياطياً من الدخول
فما لا ينبغى الوقوع فيه من الأمور المخالفة لدين الإسلام. ومن أماكنها قولها مثل ما يقول
المذن بحضور قلب وانكسار نفس ثم يقول بعد فراغ المؤذن: اللهم رب هذه الدعوة التامة
والصلاة القائمة آت محمداً الوسيلة والفضيلة والدرجة الرفيعة، وابعثه مقااً محموداً الذى
وعدته. ثم يقول: رضيت بالله رباً وبالإسلام ديناً وبمحمد صلي الله عليه وسلم نبياً ورسولاً، ثم
يقول جزى الله سيدنا ومولانا محمداً صلي الله عليه وسلم عنا خيراً جزى الله الأنبياء
والمرسلين عنا خيراً. جزى الله الملائكة والمقربين عنا خيراً. جزى الله العلماء والصالحين
عنا خيراً. جزى الله عنا خيراً من وجب له حق علينا من آبائنا وأمهاتنا ومشايخنا وإخواننا من
أحبنا فى الله ومن أحببناه فيه. جزى الله إخواننا المسلمين عن الإسلام خيراً. ثم يدعو لنفسه
ولهذه الأمة بما شاء من غير تعرض للدعاء على حكامها، ومن لم يستطع قول ذلك كله
فليقتصر على مثل قول المؤذن. سواء سمعه لقربه أو لم يسمعه لبعده، كل ذلك لأجل محافظة
العبد على الشهادتين كل يوم وليلة، فى أوقات العبادات المشروعة وغيرها فإن العقد لا يزال
يكثر من ذكر الله تعالى حتى يحبه الله ويحبه الناس وتصير أحواله كلها من طلبه لمعاشه
وغيره عبادة وذكراً. ومن الواجب أيضاً على كل مسلم كثرة الصلاة والتسليم على رسول الله
صلي الله عليه وسلم، لأنه الذى فتح لكل الخلق باب الله الأعظم فى الوقوف به فى اليوم والليلة
خمسين مرة، وهى أوقات الصلوات المفروضات المسنونات ولتعلم كما أنه لا نهاية لحب العبد
ربه كذلك لا نهاية لحب العبد رسول الله صلي الله عليه وسلم، ومن محبته وجوب اتباعه فى
أقواله وأفعاله دون اتباع غيره كائناً من كان. ولذلك قرن الله تعالى اسمه الكريم باسمه
الشريف وجعل ذلك كلمة واحدةً لا يصح الإيمان إلا بها مثل قولنا أشهد أن لا إله إلا الله
وأشهد أن محمداً رسول الله، ومن محبته حفظك الأدب عند سماع حديث رسول الله صلي الله
عليه وسلم وأن تقول فيما فهمته منه اللهم به أستعين على أداء ما كلفتنى به فإنه إن فاتك
العمل به لم يفُتك ثواب نية العمل وأن تقول فيما لا تعلمه آمنت بذلك على علم الله ورسوله
فيه. وإياك والجدال والنزاع برفع الصوت فإن الحق مع المتأدب الساكت والآداب المتعلقة
بذلك كثيرة غير محصورة ومرجعها كلها إلى ثلاثة آداب من تمسك بواحدةٍ منها نجا. وهى
التسليم بأن يرضى بالقضاء كله حلوه ومره من غير اعتراض على خلقه، وثانيها التزام
العبودية بالأدب مع الحق فى كل ما يكون، وثالثها خلو القلب من محبة الدنيا وهى أساس كل
خير يحفظ عليك الموت على الإسلام والتزام العبودية يثبتك عند السؤال فى الحساب فى
البرزخ والاخرة، وأما خلو القلب من محبة الدنيا فإنه يحفظ عليك شهود الحق فى الدنيا
والآخرة وهى السعادة الكبرى التى بابها شهادة أن لا إله إلا الله وأن محمداً رسول الله.
ونهايتها بذل النفوس بالمجاهدة بالسيف فى سبيل الله تعالى، فمن كملت شهادته فى البداية
صحت استقامته وهدايته فى النهاية، ولكل امرئ من المؤمنين نصيب من هذه الشهادة
مفروض، قال الله تعالى: {وما مِنّا إلاَّ لَه مَقام م  علُوم} ومدار ما يدخل العبد فى دين الإسلام
وما يترتب عليه من وجوب الأحكام قوله صلي الله عليه وسلم فى حديث جبريل عليه الصلاة
والسلام حين سأل رسول الله صلي الله عليه وسلم عن الإسلام. فقال صلي الله عليه وسلم: "أن
تشهد أن لا إله إلا الله وأن محمداً رسول الله، وتقيم الصلاة وتؤتى الزكاة وتصوم رمضان
وتحج البيت إن استطعت إليه سبيلاً". وقوله حين سأله عن الإيمان: "أن تؤمن بالله وملائكته
وكتبه ورسله واليوم الآخر، وأن تؤمن بالقدر خيره وشره". وقوله حين سأله عن الإحسان:
"أن تعبد الله كأنك تراه، فإن لم تكن تراه فإنه يراك". قوله حين سأله عن الساعة: "أمارتها أن
تلد الأمة ربتها، وأن ترى الحفاة العراة رعاء الشاة يتطاولون فى البنيان" فقد جمع هذا الحديث
مرتبة الإسلام والإيمان والإحسان، بجميع تعلقاتها. وإنما ذكر فيه أمارة الساعة لئلا يظن أحد
الخلود فى الدنيا، ويعلم أن مرجعه إلى الله، والحساب عما تضمنته هذه الأحكام، ومن لم يوف
بها كانت مرتبة إسلامه وإيمانه وإحسانه ناقصة.
باب مبطلاة الإيمان
وهى قسمان: التوبة وإصلاح الطعمة. فأما التوبة فهى الرافعة لحكم المعاصى المتجددة فى
كل يوم وليلة، كما رفعت الشهادتان حكم الشرك الخفى، فالواجب على كل مسلم أن يكثر من
الاستغفار فى اليوم والليلة سواء علم أنه عصى أم لم يعلم، والعلم بما يتعاطاه العبد من
معاصيه واجب وإلا لم تقع التوبة والاستغفار موضعه المأمور به فيه، فتكون غفلته عن ذلك
أشد من معاصيه وإن كثرت، وبذلك تقصر مرتبة عبوديته، فالبحث عن ذلك بعد الشهادتين
ضرورى، ومن لم يجعل الله له سبيلاً إلى معرفة ذلك فليعتقد فى نفسه النقص والضعف والذل
ملجأ فى السؤال إلى الله تعالى فى الموت على الإسلام الكمل مكثراً من الاستغفار ناوياً التوبة
مما يعلمه الله منه قال الله تعالى: {والَّذيِن إ َذا فَعلُوا فَاحِ َ شةً أ  و ظََلموا أَنْفُسه  م ذَ َ كروا الله
فا  سَتغْفَروا لِذُنُوبِهِ  م وم  ن يغْفِر الذُّنُوب إلاَّ الله وَل  م يصِرروا عَلى ماَفعلُوا وهم ي  عَلمون} وأعظم
الأوقات المطلوب فيها ذلك أواخر الليل والنهار، والمراد من التوبة رجوع العبد إلى الله تعالى
بقلبه فى أكثر حالاته حتى لا يكون غافلاً عن نفسه وربه، ويكون إن شاء الله من الذاكرين الله
كثيرا والذاكرات، وفى الصحيح أن الملك لا يكتب المعصية على العبد إلا بعد إمهال ست
ساعات فإن استغفر الله تعالى لم تكتب، وإلا ثبتت.
وأما إصلاح الطعمة فهى الأساس وبها يتأتى فعل ما تقدم، والأحاديث الواردة فى كسب
العبد فى الدنيا وأكله من عمل يده، والصدقة منه كثيرة، وكذلك النهى عن ترك الكسب وجعل
نفسه كلاً على العباد يأكل أوساخهم سواء كان أباه وأمه أو قريبه. فالكسب واجب على العبد
وجوباً موكداً ملحقاً برتبة الإيمان، كما أشار إلى ذلك حديث الرجل يطيل السفر أشعث أغبر
يمد يده إلى السماء يقول يارب يارب ومطعمه حرام وملبسه حرام ومشربه حرام، فأنى
يستجاب له ومدار الأمر على التقوى فى جميع ما يعلمه العبد من الحرف والصنائع، وكل
إنسان يعلم من حرفته مابه تقع التقوى، وما به يقع الغش، والله ورسوله جعل العبد أميناً على
نفسه فى حرفته، فإن خان الأمانة فإنما خان دينه ونفسه والناس أجمعين، ولذلك قال صلي الله
عليه وسلم: "الطهور شطر الإيمان" والواجب على العبد أن يعمل بيديه ويقارب ويسدد ما
استطاع، ولا يلحق نفسه بالمعاجز الكسلان المستعاذ منهما فى الأحاديث، وعمل العبد يوماً
واحداً سالماً من الغش أحسن من عبادته سنين كثيرة لأنه صلي الله عليه وسلم قال: "من غشنا
ليس منا" فنفاه عن الجماعة وقد جعل الله البركة فى التقوى، والفقر فى الغش كما هو مشاهد،
وكل إنسان مجبول على حب الدنيا وما تقوم به معيشته من مأكل وملبس ومنكح، كل إنسان
بحسب رتبته وعلى التشبه بمن هو أوسع منه فى الدنيا، ولا يحصل للإنسان ذلك إلا إن نصح
فى حرفته وتعليمه وزهد فى الدنيا بقلبه، واكتسب بيده من غير نظر إلى تحصيل الفائدة، فإن
البركة لم تنزل إلا فى رأس المال من غير شعور العبد بذلك. وكبار الرجال من الأولياء
المتسببين مستورون فى الدنيا ستراً يقاوم أهلها فى النفقة وغيرها، محفوظون من النقس فى
رءوس أموالهم، وقد رأيتم أحوال الدنيا وتقلبها بأهلها الماضين مع ما كانوا عليه من حسن
العمل والاعتقاد، ثم رأيتم أحوال هذا الزمن وتقلباته مع ما أنتم عليه من النقص علماً ضرورياً
لا شك عندكم فيه، ومن لم يجع الله له نوراً فما له من نور والله يقول الحق وهو يهدى السبيل.

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق