درة الوجود النورانیة وجوھر المنة الرحمانیة
شمس علوم الذات وقمر عوالم الصفات
سر اسرار حقائق الوجود وعین اعیان لطائف الشھود
صلي الله علیھ وسلم
صلاة تنال بھا الرغائب وتدفع بھا النوائب
وتجلي بھا الصدور ویلطف بھا القدیر في المقدور
وسلم علیھ وعلي اھل بیتھ الكرام ( والسبابقون الاولون من المھاجرین والانصار والذین اتبعوھم
باحسان رضي الله عنھم ورضوا عنھ واعدلھم جنات تجري من تحتھا الانھار خالدین فیھا ابدا
ذلك الفوز العظیم ) لذا كانت اقوالھ وافعالھ احمدیة واحوالھ محمدیھ.
ولما سئل عن التصوف قال
لیس التصوف لبس الصوف ترقعھ ولا بكاؤك إن غن المغنون
ولا صیاح ولا رفضولا طرب ولا انخباط كأن قد صرت مجنونا
بل التصوف ان تصفو بلا كدر وتتبع الحق والقران والدینا
ولما سئل عن معني فقیر قال
فاء الفقیر فناؤه في ذاتھ وفراغھ من نعتھ وصفاتھ
والقاف قوة قلبھ بحبیبھ وقیامھ لله في مرضاتھ
والیاء یرجو ربھ ویخافھ ویقوم بالتقوي بحق تقاتھ
والراء رقة قبلھ وصفاؤه ورجوعھ لله عن شھواتھ
ولما سئل عن معني صوفي قال
فصوفي حروف اربع واشارة تحقق بھا تحظ بكل فضیلة
فصاد لصبر ثم صدق كذا الصفاء عن الرین والاغیار في كل لحظة
وواو لوجد ثم ود اذا وفي بكل حقوق في طریق الشریعة
وفاء لفقد ثم فقر كذا الفنا فتسبح خفا في بحار الحقیقة
و عند كمال في تخلقھ بھا فیأتیھ حرف الیاء تحقیق نسبھ
وفي ھذا المعني قال
تخالف الناس في الصوفي واختلفوا وجلھم قالوا قولا غیر معروف
ولست امنح ھذا الاسم غیر فتي صافي فصوفي حتي سمي صوفي
الصوفیة
(أولئك الذین ھدي الله فبھداھم اقتده)
(رضي الله عنھم ورضوا عنھ ذلك لمن خشي ربھ)
إذا لم یكن للنفس شیخ لھ ھدي یودبھا بالروح زاغت عن السیر
ولا یعبر البحر الخضم ونووه سوه ماھر یدري الملاحة في البحر
ولولا اتصال الكھرباء باصلھا علي موجة التیار ما نورھا یسري
(الرحمن فاسأل بھ خبیرا ) ، ( ولا ینبئك مثل خبیر ) ، ( فاسألوا أھل الذكر. )
(یا أیھا الذین آمنوا اتقوا الله وكونوا مع الصادقین. )
الصوفیة الذین ھم طائفة من خلاصة المسلمین ھمھم من العمل إصلاح القلب ، وتصفیة السرائر
، والاشتغال بالأرواح ، والاتصال بالحق الاعلي جل شانھ ، حتي تأخدھم الجذبات إلیھ عمن
سواه ، وتفني إرادتھم في إرادتھ ، وصفاتھم في صفاتھ . والعارفون منھم البالغون إلي الغایة من
سیرھم في أعلي مرتبة من الكمال البشري بعد النبوة.
ونقول بلسان الشیموت الاظفر والرھبوت الغضنفر
صور الایمان في العقیدة الاسلامیة ، إن الایمان الصوفي أیمان حار متقد حي ھو أعلي التصوف
المتوھجة المتطلعة لانھ یرتكز علي الشوق والمحبة . انھ ایمان یطلق في قلوب اتباعھ الشعلة
. دائما الي الله
أن الصوفي یعیش دائما في مقام الاحسان ، یري الله في كل شي ویراقبھ في كل حركة من
. حركاتھ
ویضفي علیھا . یراقبھ مع كل نفس من انفاسھ . انھ ایمان یبعث الیقظة الشاملة في الحیاة بل
اعماقنا وتعلم خواطر القلب ، الاحساس العمیق بالربانیة الساریة في الكون والتي تعیش في
والتربیة الصوفیة ، بما فیھا من . وھمسات النجوي وخائنة الاعین وما تخفي الصدور
والشھوات ، واعتصام بالمثل وإكبار لھا . وفناء تصعید وتسامي . وارتفاع فوق الغرائز
تربیة فوق ما تعرف الدنیا من تربیة وتھذیب لانھا تنفذ الي الاعماق واستشھاد في سبیلھا إنھا
واللسان في الباطن والظاھر إنھا تربیة تشمل الضمیر والوجدان والحس ، كما تشمل الید وتعمل
. والجوراح
میدان من میادین الحیاة . انھ جھاد ضد والجھاد الصوفي الشاق العنیف في سبیل الكمال في كل
والحقد والحسد ، كما ھو جھاد ضد الطغیان والجبروت النفس والھوي والجشع والطمع ،
للتصفیة وللتسامي وریاضة للقوة والتفوق ، جھاد یمنح الصوفي عزیمة لا والبطش ، انھ جھاد
الشجاعة في ، وإرادة لا تغلب وعزیمة وإباء وایجابیة عملیة وشجاعة نفسیة ، لا احسب ان تقھر
. الدنیا تسابقا او تطاولھا
وكاتب التصوف الي ابن تاشفین ملك المغرب فیقول لھ : إما الامام الغزالي حجة الاسلام یكتب
سبیل الله ونجدة إخوانك ، وإما ان تعتزل إمارة المسلمین حتي ینھضبحقھم ان تحمل سیفك في
. سواك
للملك الكامل حینما تھاون في قتال . الامام محي الدین بن العربي شیخ الصوفیة الاكبر ویقول
لن یعترف بأمثالك فانھضللقتال ، أو نقاتلك كما نقاتھلم . الصلبیین : إنك دنئ الھمة ، والاسلام
في أرضمصر فیثور العز بن عبد السلام الصوفي الكبیر ویامر بالقبضعلي ویطغي الممالیك
. المسلمین الممالیك . ویعلن انھ قد اعتزم بیعھم في سوق الرقیق ، لانھم خانوا امانة
ویري حاتم الاصم ثقیفا البلخي وكلاھما من اعلام الصوفیة یراه یضحك بین الصفوف في موقعة
الترك فیقول لھ : ما یضحكك ؟ فیقول : ألآ أضحك وانا في احب المواطن الي الله ، إن أسعد
اوقاتي وارجاھا عندي أن یراني ربي ضاربا بسیفي في سبیلھ ، وانا بعد احرصعلي الموت من
حرصي علي الحیاة . ویقول عبدالملك بن مروان الخلیفة الاموي لابن البیطار الصوفي في
غطرسة الملك وغروره : انا عبد الملك فارفع حوائجك إلي! فیقول لھ عزَّة المؤمن وكبریاء
الصوفي : وانا ایضا عبدالملك فھلم نرفع حوائجنا الي من انا وانت لھ عبدان .
ویقول الامام الشعراني مؤرخ التصوف ومجددة : من لبس جدیدا او اكل ھنیئا او ضحك في
نفسھ او سعد في بیتھ و الامة الاسلامیة في كرب او شدة فقد برئ منھ الاسلام .
ھذه الشمائل الصوفیھ النبیلة وھذا الخطوط العریضة من الانسانیة الرفیعة والاخلاق الفاضلة
والشجاعة العالیة . ھي ما نحتاج الیھ الیوم في نضالنا الملتھب ، وصراعنا الحر وجھادنا القوي
لبناء امتنا واعدادھا لدورھا التاریخي العظیم .
اننا نواجھ الیوم الاستعمار العالمي ونصارع الصھیونیة الدولیھ وھذا الصراع الھائل سیكتب فیھ
النصر الحاسم لمن یملك قوي روحیة وادبیة ومعنویة أغزَّ وأقوي . ان الامم اذا تفككت خلقیا او
ضعفت معنویَّا او فقدت قوتھا الایجابیة واضاعت عزیمة النضال وروح التَّفوّق فھي امة منھزمة
ضائعة بین الاحداث وعصف الوقائع ، فلنتجھ الي التصوف نستمد منھ القوة الخلقیة والعزة
الایمانیة والفضائل الروحیة ، فلتنخذھا درعا وحصننا یقي امتنا ویحمیھا .ومعراجا نصعد علیھ
الى أھدافھا وأمانیھا، ان الصانع الذى نعده لنھضة مصانعنا والتاجر الذى نھیئھ للوثوب بتجارتنا
والمزارع المكافح فى حقولنا والجندى الذى ندربھ لیحمى بلادنا كل ھؤلاء یزدادون عزما وبأسا
واخلاصا وتفوقا ، اذا ربطنا قلوبھم بالایمان ، وأعمالھم بالاخلاق یجب ان یعلم الصانع ان الله
سبحانھ یحب من عبده اذا عمل عملا ان یتقنھ ،وان الله یراقبھ ویشاھده ، لانھ فى أعماق نفسھ
وفوق یده وبصره والتاجلر فى متجره أو سوقھ یجب ان یدرك ان البركھ فى الصدق والخیر
والعفھ ،وان الرزق من عند الله الذى یعلم ما تخفى القلوب والصدور
قبل ان یعلم الحرس والرقیب والزارع والحاكم والموظف والجندى وكل مواطن یعیش فوق
أرضنا المقدسھ ان الله جل جلالھ فى ضمائرھم وفوق سمعھم وسعیھم، نواصیھم بیده وأرزاقھم
تھبط الیھم من عنده ،ولیست فى الارضولا فى السماء قوة تملك لھم خیرا او شرا الا قوتھ وحده
جل جلالھ الواحد القھار، وشبابنا ھو عدتنا الكبرى . ان أفكارا من ھنا وھناك تواثھ وتخایلھ فیھا
ریاح وثنیھ وعواطف وجودیھ وتیارات انحلالیھ وان صحفا ملونھ ھازلھ ،وكتبا جنسیھ ماجنھ
تغمره وتأخذ علیھ بصره وسمعھ .اننا یجب ان نحمى شبابنا وان نزوده بالایمان، ونحصنھ
الاخلاق ونحلیھ ونكملھ بالروح والمثالیات والفضائل.
ان الوفاء والنبل والصدق والشرف والعفة والنجدة والبأس والشجاعة والعزة والكرامة ،
والاخلاصو الفضیلة ، وكل صفة عالیة بانیة لا تنبعث من الالحاد ، ولا تاتي من افق الانحلال
انھا صفات من وحي الله ورضاه ومن الھام الدین وینابیعھ ومن رسالة التصوف ومناھجھ یجب
ان یشع الروح الصوفي الطاھر المؤمن القوي في حیاتنا ووجودنا وان نجعلھ مادة في معاھدنا
ومدراسنا حینئذ نظفر برضوان الله وبسیادة الحیاة ، وتمتلئ ایدینا بعزة الصوفیة وبأس المؤمنین
، ویتحقق فینا قول ربنا سبحانھ : ( ولا تھنوا ولا تحزنوا وأنتم الاعلون ان كنتم مؤمنین )
واخیرا فالصوفیة سبقت لھم من الله الحسني والزمھم كلمة التقوي ، صدقت مجاھداتھم فنالوا
علوم الدراسة ، وخلصت علیھا معاملاتھم فمنحوا علوم الوراثة وصفت سرائرھم فاكرموا بصدق
الفراسة ، فھموا عن الله وساروا الي الله ، واعرضوا عما سوى الله ، خرقت الحجب انوارھم ،
وجالت حول العرش اسرارھم ، وجلت عند ذي العرش اخطارھم ، فھم اجسام روحانیون ، وفي
الارضسماویون سكوت نظار غیب حضار ، ملوك تحت اطمار ، افزاع قبائل واصحاب
فضائل ، و انوار دلائل ، اذانھم واعیة ونفوسھم صافیة ، ودائع الله بین خلیقتھ وصفوتھ في بریتھ
، ھم في حیاتھ صلي لله علیھ وسلم اھل صفتھ ، وبعد وفاتھ خیار امتھ
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق