الجمعة، 22 أبريل 2011

التعفف _ زكاة الفطر


وصل فى الحث على التعفف والكسب وترك المسألة إلا لضرورة
كان صلي الله عليه وسلم يأمر بالقناعة والتعفف، وترك السؤال ويحث على الأكل من
عمل اليد ويقول: لا تزال المسألة بأحدكم حتى يلقى الله وليس فى وجهه مزعة لحم، وكان
يقول: من سأل الناس فى غير فاقة نزلت به أو عيال لا يطيقهم جاء يوم القيامة بوجه ليس
عليه لحم، ومن فتح باب مسألة من غير فاقة نزلت به، فتح الله عليه باب فاقة من حيث لا
يحتسب، وكان يقول من سأل الناس ليثرى به ماله كان خمشوشاً فى وجهه يوم القيامة
ورضفاً يأكله فى جهنم فمن شاء فليقل ومن شاء فليكثر، وسأل العباس رضى الله عنه رسول
الله صلي الله عليه وسلم أن يستعمله على الصدقة فقال له رسول الله صلي الله عليه وسلم: ما
كنت لأستعملك على غسالة ذنوب الناس. وكان يقول: إن هذا المال خضر حلو فمن أخذه
بسخاوة بورك له فيه، ومن أخذه بإشراف نفس لم يبارك له فيه وكان كالذى يأكل ولا يشبع،
واليد العليا خير من اليد السفلى. وكان يقول حينما يفرق الصدقة: أما والله إن أحدكم لا يخرج
بمسألته من عندى يتأبطها حتى يكون إبطه ناراً. فقال عمر: يا رسول الله فلم تعطها إياه؟ قال:
فما أصنع يأبون إلا ذلك، ويأبى الله لى البخل، وكان يقول: إياكم والطمع فإنه الفقر الحاضر،
وكان صلي الله عليه وسلم يقول: ليس المسكين الذى ترده اللقمة واللقمتان والتمرة والتمرتان،
ولكن المسكين الذى لا يجد غنياً يغنيه ولا يفطن له فيتصدق عليه ولا يقوم فيسأل الناس، وجاء
رجل من الأنصار إلى رسول الله صلي الله عليه وسلم يسأل شيئاً فقال له رسول الله صلي الله
عليه وسلم: أما فى بيتك شئ؟ قال بلى حلس نلبس بعضه ونبسط بعضه وقعب نشرب ونتوضأ
ونأكل فيه، فقال ائتنى بهما فأتاه بهما فأخذهما رسول الله صلي الله عليه وسلم بيده فقال: من
يشترى هذين؟ فقال رجل: أنا آخذهما بدرهم، فقال رسول الله صلي الله عليه وسلم: من يزيد
على درهم مرتين أو ثلاثاً، فقال رجل أنا آخذهما بدرهمين فأععطاهما إياه وأخذ الدرهمين
فأعطاهما للأنصارى وقال اشتر بأحدهما طعاماً فانبذه إلى أهلك واشتر بالآخر قدوماً فائتنى به
فأتاه به فشد فيه رسول الله صلي الله عليه وسلم عوداً بيده ثم قال: اذهب فاحتطب وبع ولا
أرينك خمسة عشر يوماً ففعل وجاء وقد أصاب عشرة دراهم فاشترى ببعضها ثوباً وببعضها
طعاماً، فقال له رسول الله صلي الله عليه وسلم: هذا خير لك من أن تجئ المسألة نكتة فى
وجهك يوم القيامة إن المسألة لا تصلح إلا لثلاث لذى فقر شديد أو ذى عزم غير ملزوم أو
ذى دم موجع وهو الذى يتحمل دية عن قريبه للقاتل، ولم يعقل قتل قريبه. وكان يقول: من
نزلت به فاقة فأنزلها بالناس لم تسد فاقته، ومن نزلت به فاقة فأنزلها بالله، فيوشك الله له
برزق عاجل أو آجل، ومن جاع أو احتاج فكتمه الناس وأفضى به إلى الله تعالى كان حقاً على
الله أن يفتح له قوت سنة من حلال. وكان يقول بعدل تمر من كسب طيب ولا يقبل الله إلا
الطيب فإن الله يقبلها بيمينه ثم يربيها لصاحبها كما يرب أحدكم فلوه أو فصيله حتى تكون مثل
الجبل، وإن الرجل ليتصدق باللقمة فتربوا فى يد الله أو قال فى كف الله حتى تكون مثل الجبل
فتصدقوا ثم قرأ: ﴿يمحقُ الله الربا وي  ربى الصدَقات﴾ وكان صلي الله عليه وسلم يقول ما
نقص مال من صدقة وما زاد الله عبداً بعفو إلا عز، وما تواضع أحد لله إلا رفعه الله. وكان
يقول: يقول العبد مالى مالى وإنما من ماله ثلاث: ما أكل فأفنى، أو لبس فأبلى، أو تصدق
فأبقى، وما سوى ذلك فهو ذاهب وتاركه للناس. وكان يقول إن الصدقة تدفع غضب الرب
وتذهب ميتة السوء وتطفئ عن أهليها حر القبول، وإنما يستظل المؤمن يوم القيامة فى ظل
صدقته وكان يقول ثلاثة حق على الله عونهم: الغازى فى سبيل الله. والمكاتب الذى يريد
الأداء. والناكح المتعفف، وكان إذا وجد الأصناف الثمانية دفعها إليهم ويقول للواحد منهم إن
الله لم يرض بحكم نبى ولا غيره فى الصدقات حتى حكم فيها هو فجزأها ثمانية أجزاء فإن
من تلك الأجزاء أعطيتك، وكان إذا لم يجد الأصناف كلها دفعها إلى من يوجد منهم وربما أمر
بدفعها إلى واحد، كما فى قصة سلمة بن صخر وكان يحرم أكل الصدقة على بنى هاشم
ومواليهم دون موالى أزواجهم ويقول: إنها أوساخ الناس، ولا تحل لمحمد ولا لآل محمد. وقد
رأى صلي الله عليه وسلم فى فم الحسين تمرة من تمر الصدقة فقال صلي الله عليه وسلم كخ
كخ ارم بها. أما علمت أنا لا نأكل الصدقة، إن لكم فى خمس الخمس ما يكفيكم ويغنيكم. وقال
لمولاه أبى رافع: إن الصدقة لا تحل لنا، وإن مولى القوم منهم، وكان يأكل مما وصل إلى
الفقراء من الصدقات ويقول قد بلغ محله، وكانوا كثيراً ما يرسلون إليه مما يعطيه هو لهم من
الصدقات فيأكله، وكانت الصحابة رضى الله عنهم أجمعين يرخصون لبنى هاشم وبنى عبد
المطلب فى أخد الصدقات إذا منعوا حقهم من خمس الخمس، ويأمرون دافعها أن يدفعها على
نوع الهدية لا الصدقة. وهى له عند الله تعالى زكاة، قال أنس رضى الله عنه: جاءت امرأة
إلى رسول الله صلي الله عليه وسلم فقالت يا رسول الله إن لى مالا ولى زوج فقير أخذ
الصدقة. وكان يقول الصدقة على المسكين صدقة. وعلى ذى الرحم الكاشح ثنتان صدقة
وصلة والكاشح هو العدو.
وصل فى زكاة الفطر
كان صلي الله عليه وسلم يقول: صيام شهر رمضان معلق ما بين السماء والأرض
ولا يرفع إلا بزكاة الفطر. وكان يأمر بإخراج زكاة الفطر من رمضان صاعاً من تمر أو
صاعاً من زبيب أو صاعاً من دقيق أو صاعاً من طعام أو صاعاً من سلت أو صاعاً من أقط
على الحر والعبد والذكر والأنثى والصغير والكبير والغنى والفقير من المسلمين أما الغنى
فيزكيه الله وأما الفقير فيرد عليه أكثر مما أعطى، وكان أصحاب رسول الله صلي الله عليه
وسلم يعطون زكاتهم قبل الفطر بيوم أو يومين، وكان يأمر بإخراج زكاة الفطر قبل الصلاة
ويقول زكاة الفطر طهر للصائم من اللغو والرفث، وطعمة للمساكين فمن أداها قبل الصلاة
فهى زكاة مقبولة ومن أداها بعد الصلاة فهى صدقة من الصدقات، قال الإمام مالك وقد
حررت الساع الذى كان أهل المدينة يؤدون به على عهد رسول الله صلي الله عليه وسلم
فوجدته خمسة أرطال وثلثا بالعراق وقدره بالقدح المصرى قدحان.
وصل فى النهى
عن أن يسأل الإنسان بوجه الله وملعون من سئل بوجه الله ثم منع سائله ما لم يسأل
هجراً. وكان كثيراً ما يقول: من سأل بالله فأعطوه ومن صنع إليكم معروفاً فكافئوه، فإن لم
تجدوا ما تكافئون فادعوا له حتى تروا أنكم قد كافأتموه، وكانت عائشة رضى الله عنها تقول
إذا أعطيتم السائل شيئاً فدعا لكم فادعوا له بمثل ما دعا لكم لتكون الصدقة خالصة لكم، وكان
السلف الصالح لا يسألون الفقير الدعاء إذا أسدوا إليه معروفاً رضى الله عنهم أجمعين. وكان
كثيراً ما يحدث عن الخضر عليه السلام فيقول: بينما الخضر ذات يوم يمشى فى سوق بنى
إسرائيل أبصره رجل مكاتب فقال تصدق على بارك الله فيك، فقال الخضر آمنت بالله ما شاء
الله من أمر يكون ما عندى شئ أعطيكه، فقال المسكين أسألك بوجه الله لما تصدقت على فإنى
نظرت السماحة فى وجهك ورجوت البركة عندك، فقال الخضر آمنت بالله ما عندى شئ
أعطيكه إلا أن تأخذنى فتبيعنى، فقال المسكين هل يستقيم هذا؟ قال نعم أقول لقد سألتنى بأمر
عظيم، أما أنى لا أخيبك بوجه ربى، بعنى، قال فقدمه إلى السوق فباعه بأربعمائة درهم فمكث
عند المشترى زمناً لا يستعمله فى شئ قال إنما اشترتنى التماس خير عندى فأوصنى بعمل،
قال أكره أن أشق عليك، إنك شيخ كبير ضعيف. قال ليس يشق على قال قم فانقل هذه
الحجارة، وكان لا ينقلها دون ستة نفر فى يوم، فخرج الرجل لبعض حاجته ثم انصرف وقد
نقل الحجارة فى ساعة قال أحسنت فأحملت وأطقت ما لم أرك تطيقه. قال ثم عرض للرجل
سفر فقال إنى أحسبك أميناً فاخلفنى فى أهلى خلافة حسنة قال أوصنى بعمل قال إنى أكره أن
أشق عليك، قال ليس يشق على، قال فاضرب من اللبن لبنتى حتى أقدم عليك، قال فمر الرجل
لسفره ثم رجع وقد شيد بناه قال أسألك بوجه الله ما سبيلك وما أمرك؟ قال سألتنى بوجه الله
ووجه الله أوقعنى فى هذه العبودية، فقال الخضر سأحدثك من أنا، أنا الخضر الذى سمعت به
سألنى مسكين صدقة فلم يكن عندى شئ أعطيه إياه فسألنى بوجه الله تعالى فأمكنته من رقبتى
فباعنى، وأخبرك أنه من سئل بوجه الله فرفض سائله وهو يقدر وقف يوم القيامة لا جلدة ولا
لحم له يتفقع فقال الرجل آمنت بالله شققت عليك يا نبى الله احكم فى أهلى ومالى بما شئت أو
اختر فأخلى سبيلك، قال أحب أن تخلى سبيلى فأعبد ربى، فخلى سبيله فقال الخضر الحمد لله
الذى أوقعنى فى العبودية ثم نجانى منها والله أعلم.

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق